كيفية التعامل مع عناد الأطفال في السنوات الخمس الأولى
يعد العناد من أكثر المشاكل الشائعة بين الأطفال، حيث تشير الأبحاث إلى أنه يوجد طفل واحد من بين كل ثلاثة أطفال يعاني من هذه المشكلة ويرفض الأوامر الموجهة إليه دون أي مبرر وهذا قد يعرض الآباء والأمهات لمواقف محرجة، ولكن لكي نتمكن من حل هذه المشكلة يجب علينا العلم بأن سلوك العناد لدى الأطفال ليس من السلوكيات الموروثة بل يعد من السلوكيات التي يكتسبها الطفل من البيئة المحيطة به، ويجب العلم بأن الطريقة التي نتعامل بها مع الأطفال هي ما تعكس السلوكيات التي يتعامل بها الطفل مع غيره، لذا سنتكلم فى هذا المقال عن تعريف عناد الأطفال و سنطرح عليكم الأسباب التي تولد سلوك العناد لدى الطفل وطريقة التعامل معها.
ما هو تعريف العناد لدى الأطفال ؟
العناد عند الأطفال هو سلوك يتمثل في رفض الانصياع لرغبات الآخرين والإصرار على الحصول على ما يريده الطفل، ومن الممكن أن يظهر العناد عند الأطفال في صورة بكاء أو صراخ أوالتعبير بشكل عنيف عن رغباتهم، وقد يكون هذا الأمر طبيعياً في بعض الحالات فيمكن أن يكون إشارة إلى النمو العاطفي والاجتماعي لدى الطفل، حيث يتعلم الطفل كيفية التعامل مع الإحباط والتعبير عن رغباته ولكن عليكم العلم بأن العناد المستمر والشديد قد يشير إلى مشاكل في السلوك و العلاقات الاجتماعية، وقد يتطلب الأمر تدخل الوالدين أو المربين للتعامل معه بشكل مناسب.
ما هي الأسباب التي تجعل الطفل يكتسب سلوك العناد ؟
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي بالطفل إلى سلوك العناد ومنها مايلي:
1. الحاجة إلى الاستقلال والتحكم: قد يكون عناد الأطفال ناتجًا عن الرغبة في الاستقلال واتخاذ القرارات الخاصة بهم.
2. الحاجة إلى لفت الانتباه : ممن الممكن أن يكون العناد لدى الأطفال وسيلة حتى يستطيع الطفل أن يكون محط أنظار الجميع.
3. التعبير عن المشاعر:في بعض الأحيان يكون العناد لدى الأطفال وسيلة للتعبير عن المشاعر المختلطة لديهم، مثل الغضب والخوف والإحباط.
4. الحاجة إلى التأكد والثقة : الأطفال بحاجة دائمة إلي الشعور بالثقة وبالتالي قد يكون العناد ناتجًا عن الحاجة إلى التأكد من أنهم يمتلكون السيطرة على الموقف والنتائج المترتبة عليه.
5. الحاجة إلى التحدي والاختبار: العناد لدى الأطفال يكون أحياناً وسيلة لتحدي السلطة والسيطرة على الموقف، وهو سلوك يمكن أن ينتج عن الرغبة في الاستقلال والتأكد من الذات والقدرات.
6. عدم الرضا عن الوضع الحالي: يمر الأطفال غالباً بمرحلة يكونون فيها غير راضين عن الوضع الحالي الذي يمرون به ويعيشونه سواء كان في بيئة المدرسة أو المنزل أو العلاقات الاجتماعية مما يدفعهم ذلك إلى العناد حيث يعد بالنسبة لهم الطريقة الوحيدة ليعبروا به عن رفضهم.
7. الضغوط النفسية:الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأطفال تدفعهم ليقومو بردود فعل ضدها وغالباً يكون رد الفعل هذا متمثلاً في العناد، سواء كانت هذه الضغوط ضغوطاً أكاديمية أواجتماعية أو بعض المشاكل الأسرية.
8. الاضطرابات النفسية: بعض الأطفال يكونون عرضة لبعض الاضطرابات النفسية، مثل اضطرابات القلق أو الاكتئاب أو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط مما يدفعهم إلى العناد.
هذه الأسباب التي ذكرناها يمكن أن تؤثر سلباً على طفلك وتدفعه لسلوك العناد ولكن يوجد العديد من الأسباب الأخرى التي تدفع الأطفال لاكتساب هذا السلوك سنذكرها لاحقاً.
ما أنواع العناد لدى الأطفال ؟
هناك أنواع شائعة تتواجد عند أغلب الأطفال وتتمثل في ما يلي :
1. الرفض: وصورة العناد في هذه الحالة تتمثل في رفض الأطفال عند طلب شيئ منهم، حتى لو كان ذلك في مصلحتهم الخاصة.
2. عدم التعاون: بعض الأطفال لا يقدمون أي مساعدة أو تعاون سواءً في الأنشطة اليومية أو في الدراسة وهذه صورة من صور العناد.
3. الانفعالات العنيفة: يمكن للأطفال أن يتعرضوا لنوبات من الغضب والانفعالات العنيفة عند العناد، مثل الصراخ أو البكاء أو الضرب.
4. التمسك بالرأي: يتمثل العناد في هذه الحالة في تمسك الطفل برأيه ورفض الاستماع لآراء الآخرين والتعاون معهم.
5. تحدي السلطة: يمكن أن يكون العناد لدى الأطفال وسيلة لتحدي السلطة والسيطرة على الموقف، وهو سلوك ينتج عن الرغبة في الاستقلال والتأكد من الذات والقدرات.
ما هي الحلول المناسبة التي يمكن اتباعها للتعامل مع مشكلة العناد عند الأطفال؟
والآن قد يتساءل البعض عن الحلول التي تساعدهم في مواجهة مشكلة العناد عند أطفالهم و سنوضح لكم الآن بعض الحلول لهذه المشكلة حيث أن هناك عدة طرق فعالة للتعامل مع عناد الأطفال، ومنها:
1. تحديد الحدود والقواعد بوضوح: يجب على الوالدين تحديد الحدود والقواعد بوضوح، وشرحها للأطفال بشكل واضح ومفهوم، وتحديد العواقب المترتبة على عدم الامتثال لهذه الأوامر والقواعد.
2. تقديم الخيارات: يمكنك تجنب عناد الأطفال عن طريق تقديم الخيارات المناسبة والمحدوده لهم، وبالتالي يشعرون بالاستقلالية والتحكم في النتائج.
3. الاستماع إلى الأطفال وتشجيعهم على التعبير عن المشاعر: يحتاج الطفل إلى الشعور بأنه يتم الاستماع له وأن مشاعره مفهومة، فعندج الاستماع إلى الأطفال وتشجيعهم على التعبير عن المشاعر بشكل صحيح يشعر الأطفال بالتقدير والأهمية.
4. تطوير مهارات التعامل مع الإحباط: يُنصح بتعليم الأطفال مهارات التعامل مع الإحباط وكيفية التعامل مع الأزمات بشكل صحيح، حتى يتمكنوا من التعامل مع الأوضاع الصعبة التي ستواجههم بشكل أفضل.
6. الإشادة بالسلوك الإيجابي: تعمل الإشادة بالسلوك الإيجابي للأطفال وتشجيعهم على الأداء الجيد مفعول السحر لديهم، فهي تعزز شعورهم بالتقدير وتشجعهم على القيام بالمزيد من هذا السلوك.
7. الحفاظ على الهدوء والصبر: يُنصح الوالدان والمربين بالحفاظ على الهدوء والصبر في ردود أفعالهم وعدم الرد بعنف أو الضغط على الأطفال، حتى يشعرون بالأمان والراحة في البيئة المحيطة بهم.
من الأمور المهمة التي تساعد في بناء شخصية الطفل
إن شعور الطفل بالاستقلالية والقدرة على التحكم في تصرفاته وأفعاله من أهم الأمور التي تساعد على بناء شخصية طفلك بطريقة سوية، كما تساعد بشكل كبير علي تخلص الطفل من مشكلة العناد لذلك حتى تولد شعور الاستقلالية لدي طفلك عليك أن تقوم بتقديم بعض الخيارات المناسبة للمرحلة العمرية التي يمر بها الطفل وترك القرار والاختيار للطفل في أمور حياته فمثلا :
1. اختيار الأنشطة: يمكن تقديم خيارات للطفل في اختيار الأنشطة التي يرغب في القيام بها، مع ترك الطفل يختار النشاط الذي يرغب بة بحرية مثل الألعاب والأنشطة الرياضية والفنية والتعليمية.
2. اختيار الملابس:إعطاء الطفل الحرية في اختيار الملابس التي يرغب في ارتدائها، وذلك بحدود محددة من قبل الوالدين مع تقديم بعض الخيارات المسبقة لهم.
3. اختيار الطعام: دع الطفل يختار الطعام المفضل لديه والذي يرغب بتناوله، وذلك من بين خيارات صحية تناسب احتياجاته الغذائية.
4. تحديد الأولويات: قدّم الخيارات لطفلك في تحديد الأولويات، مثل اختيار الأنشطة التي يرغب في القيام بها أولاً وهكذا.
5. اختيار الأصدقاء: دع طفلك يختار صديقه الذي يرغب بزيارته أو اللعب معه اليوم، مع وضع الخيارات لأصدقائه الجيدين وتقديم الخيارات المناسبة له.
ومع ذلك تجدر الإشارة بأهمية جودة الخيارات التي ستقدمها لطفلك حسب عمر الطفل وقدراته وإمكانياته ووضع بعض الحدود التي لا يمكن للطفل أن يتخطاها.
متى يجب عليك اللجوء إلى أحد المتخصصين لعلاج مشكلة عناد الأطفال ؟
يحتاج الآباء اللجوء إلى متخصص لعلاج مشكلة عناد الأطفال عندما يكون سلوك العناد لدى الطفل يؤثر سلبًا على حياته وحياة الأسرة بشكل عام، أو على غيره في البيئات الأخرى مثل المدرسة أو الحضانة أو غيرها، وعندما يصعب التعامل معه بسبب عدم فهم أسبابه بالإضافة إلي عدم القدرة على التعامل معه بطريقة فعالة.
وينبغي اللجوء إلى متخصص في الصحة النفسية عندما يصل العناد إلى مستوى يؤثر على العلاقات الاجتماعية للطفل ويؤثر على أدائه الأكاديمي، أو عندما يترافق العناد مع تغييرات في السلوك العام للطفل مثل الانطوائية أو العدوانية.
وبالتالي يمكن للمتخصص في الصحة النفسية تشخيص سبب سلوك عناد الطفل وتحديد الطريقة الأنسب للتعامل مع هذا السلوك، ويمكنه تقديم الدعم والمشورة اللازمة للأسرة لتحسين العلاقة بينهم وتحسين سلوك الطفل وتطوير مهاراته الاجتماعية والعاطفية.
ما هي المخاطر التي تعود على الطفل بسبب العناد
قد يكون سلوك العناد مؤشرًا على مشاكل في التطور العاطفي والاجتماعي، ويمكن أن يؤثر سلبًا على الأطفال وعلى الأسرة بشكل عام ومن بين السلبيات التي يمكن أن تنتج عن سلوك عناد الأطفال ما يلي:
1. زيادة الضغط النفسي: يمكن أن يتسبب سلوك العناد لدى الأطفال في زيادة الضغط النفسي لدى الأطفال والوالدين.
2. تعطيل التعلم: يؤثر سلوك العناد لدى الأطفال على قدرتهم على التعلم والتركيز في المدرسة وفي الحياة اليومية.
3. تدني الثقة بالنفس: قد يؤدي سلوك العناد لدى الأطفال إلى تدني مستوى الثقة بالنفس والشعور بالإحباط والإحساس بالفشل.
4. تعطيل العلاقات الاجتماعية: أحياناً يؤدي العناد لدى الأطفال إلى تعطيل العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، مما يمكن أن يؤثر على الصداقات والعلاقات العائلية.
5. الوقوف بين الطفل واكتساب المهارات الاجتماعية: يمنع سلوك العناد الأطفال من اكتساب المهارات الاجتماعية الضرورية للتفاعل الإيجابي مع الآخرين.
لذلك عليك أن تتعامل مع سلوك العناد لدى الطفل بطريقة صحيحة وفعالة، وإعطاء الأطفال المهارات اللازمة للتعلم والتكيف مع المواقف الصعبة بطرق إيجابية وصحيحة.
كيف تعزز ثقة الطفل بنفسه؟
من بعض المشكلات أيضا التي تعتبر من أكثر مسببات سلوك العناد لدى الأطفال هي قلة ثقة الطفل بنفسه، لذلك فمن واجب الآباء العمل على تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم وسنعرض عليكم بعض الخطوات التي تساعدكم على ذلك:
أولا: تشجيع الإنجازات: يمكن تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم من خلال تشجيعهم على التحدي والإنجاز، والاحتفال معهم بكل إنجاز يحققونه.
ثانيا: تحفيز الاستقلالية: يمكن تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم من خلال تحفيز الاستقلالية والمساعدة في تنمية مهاراتهم الشخصية وتعلم القرارات الصحيحة.
ثالثا: التعامل بإيجابية: التعامل مع الأطفال بإيجابية وتشجيعهم على الابتسام والتفاؤل، وتجنب التحدث بشكل سلبي أو التركيز على الأخطاء والإخفاقات.
رابعا :التحدث بصدق: يجب التحدث مع الأطفال بصدق وبطريقة تحفزهم على النمو والتعلم، وتشجيعهم على الاستفادة من الأخطاء والإخفاقات.
خامسا: إيجاد الفرص للتعلم: خلق الفرص لدى الأطفال حتى يقوموا بالتعلم وتنمية مهاراتهم بشكل مستمر، وتشجيعهم على تجربة أشياء جديدة وتجاوز المخاوف والتحديات.
سادسا: تعزيز الشعور بالانتماء: تعزيز الشعور بالانتماء لدى الأطفال وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين.
سابعا: الاهتمام بالصحة النفسية: يجب الاهتمام بالصحة النفسية لدى الأطفال وتوفير الدعم والمساعدة اللازمة في حالة وجود مشاكل سلوكية أو نفسية.
هذه النصائح ستفيدك وتساعدك على تعزيز ثقة الطفل بنفسه ولكن قد لا تناسب جميع الأطفال فيجب عليك مراعاة عمر الطفل وشخصيته أثناء تعاملك معه.
في الختام، يمكن القول أن عناد الأطفال هو جزء من تطورهم الطبيعي والذي يمكن التعامل معه بشكل فعال، ومن الضروري أن يكون للآباء والأمهات اتباع استراتيجيات محددة للتعامل مع هذا السلوك، ومن بين الاستراتيجيات المفيدة للتعامل مع عناد الأطفال هي التفهم والصبر والإيجابية، حيث يمكن أن يساعد الحوار البناء وتحديد الحدود المناسبة وتعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال على التخلص من هذه المشكلة.
علاوة على ذلك، من المهم أن يكون للآباء والأمهات قدرة على التعرف على أسباب العناد وإدارة الظروف المحيطة بالأطفال، كما يجب على الآباء والأمهات العمل معًا وتحديد استراتيجيات فعالة للتعامل مع السلوك العنيد لأطفالهم، حيث يمكن تحويل الطاقة السلبية إلى إيجابية وتعزيز العلاقة بين الآباء والأطفال.